استودعناك الله الذي لا تضيع ودائعه
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، اليوم سنتناول معًا موضوعًا إيمانيًا عظيمًا ألا وهو الودائع وما أمرنا الله به في ودائعنا له ولخلقه، نتمنى من الله العظيم أن ينفعنا وإياكم بهذه الكلمات، وأن يجعلنا ممن حفظوا الودائع ورعوها كما أمرنا الله ورسوله، وأن يجعلنا ممن لا تضيع ودائعه عند الله تعالى.
حسن الظن بالله أساس حفظ الودائع
إن حسن الظن بالله هو أساس حفظ الودائع، فمن حسن ظنه بالله علم أن ما عنده محفوظ لا يضيع أبدًا، ومن سوء الظن أن يظن العبد أن ما عنده سيفنى ويبيد، ومن حسن الظن بالله ألا يشغل قلبه بما هو رزقه، ومن سوء الظن به أن يحبس قلبه فيما ليس له.
فاعلم أخي المسلم أن الله تعالى هو الكريم الذي وسعت رحمته كل شيء، وهو الرزاق الذي لا ينفذ رزقه أبدًا، وهو الغني الذي لا يغنى عنه أحد، فإذا علم العبد ذلك استراح قلبه واطمأن فؤاده، وعرف أن ما عنده الله محفوظ لا يضيع أبدًا.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: “واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا”، فإذا صبر العبد على ما ابتلاه الله به، وفوض أمره إلى الله تعالى، وفرغ قلبه لعبادة الله وحده لا شريك له، فإن الله تعالى سوف ينصره وينجيه ويرزقه من حيث لا يحتسب.
الودائع أنواع كثيرة
والودائع أنواع كثيرة، منها ما هو مادي كالأمانات والأموال، ومنها ما هو معنوي كالأسرار والأعراض، وكل هذه الودائع يجب على المسلم حفظها ورعايتها، ففي الحديث الشريف: “أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك”، وفي الحديث الآخر: “من حفظ وصية أخيه المسلم فقد أدى الأمانة إلى الله عز وجل”.
ومن أهم الودائع التي يجب على المسلم حفظها ورعايتها هي الودائع الدينية، كالصلوات والزكوات والصيام والحج، فهذه العبادات أمانات عند المسلم يجب عليه أن يؤديها على أكمل وجه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “من استودع شيئًا فليؤده”، فنسأل الله تعالى أن يوفقنا لحفظ الودائع كلها.
ومن أنواع الودائع أيضًا ودائع الجوار، فالجيران لهم حق على جيرانهم، ويجب على المسلم أن يحسن معاملة جيرانه، وأن يحفظ أماناتهم، وأن يعينهم على البر والتقوى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره”.
حفظ الأمانات واجب شرعي
إن حفظ الأمانات واجب شرعي، وقد أمرنا الله تعالى بذلك في كتابه العزيز، فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ”، وقال صلى الله عليه وسلم: “من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى صاحبها”، وقد جعل الإسلام الأمانة من أهم الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها المسلم.
وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمنان بما أعطى، والمدمن على الخمر”، قال رسول الله: “وآية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”.
فالمسلم الذي يحفظ الأمانات ويؤدي الودائع هو من أكرم الناس عند الله تعالى، وهو من الذين يفلحون في الدنيا والآخرة، ومن الذين يرضى عنهم الله ورسوله، نسأل الله العظيم أن يجعلنا من الصادقين في أقوالهم وأفعالهم.
خيانة الأمانة كبيرة من الكبائر
إن خيانة الأمانة كبيرة من الكبائر، وقد حذرنا الله تعالى من ذلك في كتابه العزيز، فقال: “وَلا تَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ”، وقال صلى الله عليه وسلم: “من خان أمانة فلا إيمان له”، وقد جعل الإسلام خيانة الأمانة من أقبح الأخلاق التي يجب أن يتحلى بها المسلم.
وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمنان بما أعطى، والمدمن على الخمر”، قال رسول الله: “وآية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”.
فالمسلم الذي يخون الأمانة هو من أسوأ الناس عند الله تعالى، وهو من الذين يبوؤون في الآخرة بئس المقام، ومن الذين لا يرضى عنهم الله ورسوله، نسأل الله العظيم أن يعيذنا من خيانة الأمانات، وأن يجعلنا من الذين يحفظون الودائع ويؤدونها إلى أهلها.
من خان الأمانة فلا أمان له
من خان الأمانة فلا أمان له، فالمسلم الذي يخون الأمانة يفقد ثقة الناس به، ولا يثق به أحد، ولا يؤتمن على شيء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “من خان أمانة فلا إيمان له”، وقال عليه الصلاة والسلام: “أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان، وإذا خاصم فجر”.
فالمسلم الذي يخون الأمانة هو منافق، وهو من أسوأ الناس عند الله تعالى، وقد حذرنا الله تعالى من خيانة الأمانة في كتابه العزيز، فقال: “وَلا تَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ”، وقال صلى الله عليه وسلم: “من خان أمانة فلا إيمان له”.
فنسأل الله العظيم أن يعيذنا من خيانة الأمانات، وأن يجعلنا من الذين يحفظون الودائع ويؤدونها إلى أهلها، وأن يجعلنا من الذين يرضى عنهم الله ورسوله، وأن يجعلنا من الذين يفلحون في الدنيا والآخرة، آمين.
حفظ الأسرار من حفظ الودائع
إن حفظ الأسرار من حفظ الودائع، فالمسلم الذي يستودع سرا يجب عليه أن يحفظه ولا يبوحه لأحد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “المستشار مؤتمن”، وقد قال عليه الصلاة والسلام: “إذا حدّث الرجل الحديث ثم التفت فهي أمانة”.
فالمسلم الذي يحفظ الأسرار هو من أكرم الناس عند الله تعالى، وهو من الذين يفلحون في الدنيا والآخرة، ومن الذين يرضى عنهم الله ورسوله، نسأل الله العظيم أن يجعلنا من الصادقين في أقوالهم وأفعالهم.
ومن يحفظ سر أخيه المسلم فهو من الذين يستحقون مثوبة عظيمة عند الله تعالى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة”، وقال عليه الصلاة والسلام: “من كتم سر أخيه المسلم وجبت له الجنة”.
حفظ السر أمانة ثقيلة
إن حفظ السر أمانة ثقيلة، فالمسلم الذي يحفظ السر يجب عليه أن يحفظه ولا يبوحه لأحد، حتى ولو كان ذلك على حسابه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “إنك إن حفظت حفظ الله عليك وإن أنت أذعت أذاع الله عليك”.
وقد قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “من حفظ سر أخيه المسلم حفظ الله سره في الدنيا والآخرة”، وقال رحمه الله: “من كتم سر أخيه المسلم فهو من الذين يستحقون مثوبة عظيمة عند الله تعالى”.
فنسأل الله العظيم أن يجعلنا من الذين يحفظون الأسرار، ومن الذين يرضى عنهم الله و