تفسير آية: “إن أكرمكم عند الله اتقاكم”
تُعد آية “إن أكرمكم عند الله اتقاكم” من الآيات العظيمة في القرآن الكريم، والتي تبين لنا أهمية التقوى في الإسلام، وأنها المعيار الحقيقي لتكريم المرء ورفعة منزلته عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، وسنتناول في هذا المقال تفسير هذه الآية الكريمة بالتفصيل.
معنى التقوى
التقوى لغةً: الخوف والحذر، أما اصطلاحًا: فهي الخوف من الله تعالى والاستعداد الدائم لطاعته والابتعاد عن معصيته.
وقال بعض المفسرين: “التقوى: مراقبة الله عز وجل مع امتثال أوامره واجتناب نواهيه، والعمل بما يحبه ويرضاه.”
والتقوى مراتب متفاوتة، أعلاها وأكملها مرتبة الأنبياء والرسل عليهم السلام، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ثم الصالحون.
فضل المتقين
من فضائل التقوى: قرب المتقين من الله تعالى ومحبته لهم: [إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ] (آل عمران: 76)
واستجابة دعائهم: [ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ] (غافر: 60) ومساعدته وتوفيقه لهم: [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ] (الطلاق: 2-3)
وكثرة الثناء عليهم في القرآن الكريم والسنة النبوية: [وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ] (آل عمران: 133)
أكرم الناس عند الله
أفضل وأكرم الناس عند الله تعالى هُم المتقون، وقد ورد ذلك في سورة الحجرات: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ]
فقد جعل الله التقوى هي المعيار الحقيقي لتكريم المرء ورفعته، بغض النظر عن جنسه أو لونه أو نسبه.
والتقوى لا تخص عبادات بعينها، بل تشمل جميع جوانب حياة المسلم، من عقيدته إلى عبادته إلى معاملاته مع الآخرين.
علامات المتقين
من علامات المتقين: حب الله تعالى وخشيته: [إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ] (فاطر: 28)
والورع عن جميع المعاصي والشبهات: [وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ] (البقرة: 281)
والإنفاق في سبيل الله دون إسراف أو تقتير: [وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ] (سبأ: 39)
طرق اكتساب التقوى
يمكن للمسلم اكتساب التقوى من خلال اتباع الخطوات التالية: الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وذكر الله تعالى.
دراسة علوم الشريعة وفقه الدين، ومعرفة الحلال والحرام.
مخالفة النفس والهوى والحرص على فعل الطاعات.
ثمار التقوى في الدنيا والآخرة
للتقوى ثمار عظيمة في الدنيا والآخرة، منها:
راحة القلب وسكينته في الدنيا: [أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُ الْقُلُوبُ] (الرعد: 28)
حصول الأمن والبركة في الرزق والعيش: [وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا] (الطلاق: 4)
الفوز برضا الله تعالى والجنة في الآخرة: [سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ] (الزمر: 73)
الخاتمة
في ختام هذا المقال، نؤكد على أهمية التقوى في الإسلام، وأنها السبيل الوحيد لتحقيق العزة والكرامة في الدنيا والآخرة، فعلينا جميعًا أن نسعى جاهدين لاكتساب التقوى والإخلاص لله تعالى.