آداب التعامل مع العلماء


مدخل:
العلماء هم ورثة الأنبياء ومصابيح الهدى في الظلمات، وهم الذين يحملون لواء العلم والمعرفة، ويرشدون الناس إلى سواء السبيل، لذا فإن التعامل معهم يتطلب آدابًا خاصة تحفظ لهم مكانتهم وتقدر علمهم.
الصمت والاستماع:
عندما يحضر مجلس عالم، يجب على الحاضرين أن يصمتوا ويستمعوا باهتمام لما يقوله، وعدم مقاطعته إلا بأدب واحترام. كما يجب تجنب الخوض في نقاشات جانبية أو استعراض معرفة الحاضرين، فالعالم أولى بالحديث واحترامه.
إن الاستماع باهتمام لما يقوله العالم يظهر تقديرك لعلمه وحكمته، كما أنه يساعدك على الاستفادة من معارفه والاستزادة من علمه.
يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: “إذا جلست إلى عالم فتواضع له، وأصغ إليه، ولا تقاطعه، ولا تتعجل عليه، وأحب له الخير كما تحب لنفسك”.
السؤال بأدب واحترام:
إذا أردت أن تسأل العالم سؤالًا، فافعل ذلك بأدب واحترام. واختر الوقت المناسب لطرح سؤالك، ولا تقاطعه أثناء حديثه، وانتظر حتى ينتهي من كلامه ثم اطرح سؤالك باختصار ووضوح.
وتجنب طرح الأسئلة العامة أو الأسئلة التي لا تتعلق بموضوع المجلس، فالعالم وقته ثمين ولا يجب إهداره بأسئلة غير مفيدة.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله: “إذا سألت العالم، فلا تسأله عما يجهله، ولا عما لا ينفعك، ولا عما يشغلك عن حق واجب عليك”.
التحقيق والتثبت:
إذا سمعت عالمًا يقول شيئًا لم تفهمه أو شككت فيه، فلا تتسرع في قبوله أو رفضه، بل تحقق وتثبت من صحة المعلومة. واسأل العالم نفسه أو عالمًا آخر موثوقًا به لتوضيح الأمر لك.
وإذا ثبت لك خطأ العالم أو نسيانه، فلا تواجهه بذلك أمام الناس، بل نبهه عليه بأدب واحترام، ووضح له خطأه بطريقة لا تؤذيه أو تحرجه.
يقول الإمام مالك رحمه الله: “إذا رأيت العالم يخطئ، فلا تتعجل بلومه أو تخطئته، بل تحقق وتثبت، فلعله نسي أو غلط أو قال ذلك لسبب لا يعلمه إلا هو”.
المدح والثناء:
لا بأس بمدح العالم والثناء عليه إذا كان ذلك مستحقًا، ولكن افعل ذلك باعتدال وتواضع، ولا تبالغ في المديح حتى لا تتحول إلى تملق أو نفاق.
ويفضل أن يكون المديح على علم العالم وفضله، لا على شخصه أو شكله، فإن ذلك أجدر بأن ينال إعجابه ورضاه.
يقول الإمام الغزالي رحمه الله: “مدح العلماء محمود محمود، ولكن لا تمدحهم على أشخاصهم، بل على علومهم وأخلاقهم”.
حفظ أسرار العالم:
إذا وثق فيك العالم وأسرك بسره، فلا تخنه وأحفظه في قلبك، ولا تبوح به لأحد إلا إذا أجاز لك ذلك أو اقتضت الحاجة إليه.
وحفظ أسرار العالم واجب شرعي وأخلاقي، وهو دليل على ثقتك به واحترامك له.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من استودع سرًا فخان فيه فإن غدرة”.
الدعاء للعالم:
اجعل من دعائك أن يوفق الله العلماء وينفع بهم الإسلام والمسلمين، وأن يزيدهم علمًا وحكمةً. ودعاؤك لهم يزيد من محبتهم لك ويثبت قدرك عندهم.
كما أن دعاءك للعالم من علامات حسن أدبك وتقديرك له، وهو من الأعمال الصالحة التي لا تنسى.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من دعا لعالم بالخير كان كمن عمل بما علم العالم”.
الخاتمة:
إن التعامل مع العلماء يتطلب آدابًا خاصة تليق بمكانتهم وعلمهم، ومن أهم هذه الآداب: الصمت والاستماع، والسؤال بأدب واحترام، والتحقيق والتثبت، والمدح والثناء، وحفظ أسرار العالم، والدعاء له. فعلى كل مسلم أن يتعلم هذه الآداب وينتهجها في تعامله مع العلماء ليكون من أهل الفضل والكرم.