الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا
إن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في هذه الحياة الدنيا ليعبده وحده لا شريك له، وجعلها دار ابتلاء واختبار ليظهر منا الصالح من الطالح، وليبلو عباده أيهما أحسن عملاً، وقد بين الله في كتابه العزيز ورسوله الكريم في سنته المطهرة صفات أولئك الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وذكر أنواعًا من الأعمال التي تورثهم الخسران يوم القيامة.
أولاً: الشرك بالله
إن الشرك بالله هو أعظم ذنب يمكن أن يرتكبه العبد، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ (النساء: 116)، وكل عمل يقوم به المشرك لا يقبل منه، فقد قال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (الزمر: 65).
ثانيًا: اتباع الهوى
إن اتباع الهوى من أسباب ضلال الأعمال، قال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ (القصص: 50)، فمن اتبع هواه فقد ضل عن سواء السبيل، لأن الهوى لا يؤدي إلا إلى الغواية والضلال.
ثالثًا: عدم الخشية من الله
إن الخشية من الله هي التي تمنع العبد من ارتكاب المعاصي، قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ ذَا الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (البروج: 12)، ومن لم يخف الله لم يتورع عن ارتكاب المحرمات، وكل عمل يقوم به لا يكون فيه تقوى لله فهو ضائع.
رابعًا: حب الدنيا
إن حب الدنيا يعمي القلوب ويصرفها عن ذكر الله، قال تعالى: وَلَا تَمِيلُوا فَتَفْتِنُوكُمْ (آل عمران: 151)، فمن أحب الدنيا قل اهتمامه بالآخرة، وكل عمل يقوم به لا يكون فيه قصد التقرب إلى الله فهو ضائع.
خامسًا: الكذب
إن الكذب من أسباب ضلال الأعمال، قال تعالى: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (النجم: 3)، فمن اعتاد الكذب لم يقبل منه عمل، لأن الكذب ينافي التقوى ويدل على ضعف الإيمان.
سادسًا: الغيبة والنميمة
إن الغيبة والنميمة من الذنوب التي تضيع الأعمال، قال تعالى: وَلَا تَغْتَابُوا بَعْضَكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ (الحجرات: 12)، ومن اعتاد الغيبة والنميمة ضاعت أعماله يوم القيامة ولم ينفع فيها عمل.
سابعًا: البخل
إن البخل من الأخلاق الذميمة التي تضيع الأعمال، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (التوبة: 34)، فالبخيل لا ينفق ماله في سبيل الله، وكل عمل يقوم به لا يكون فيه قصد التقرب إلى الله فهو ضائع.
خاتمة
إن الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا هم الذين أشركوا بالله واتبعوا أهواءهم ولم يخافوا الله وأحبوا الدنيا وكذبوا واغتابوا ونموا وبخلوا، وقد حذرنا الله عز وجل من هذه الأعمال وجعل جزاءها الخسران العظيم يوم القيامة، علينا أن نتقي الله ونعمل الأعمال الصالحة التي تقربنا إليه وترجح موازيننا يوم القيامة.