اللهم تقبل دعائنا
إن الدعاء هو من أهم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو من أعظم الأسباب في دفع البلاء، وقضاء الحوائج، ورفع الدرجات، ولا سيما إذا كان الدعاء في أوقات الإجابة، فمن توضأ وصلى ركعتين ودعا بعدهما في جوف الليل أو في السحر أو يوم الجمعة أو في شهر رمضان أو في يوم عرفة أو في مكة أو في المدينة فهذا من أرجى الأوقات في الإجابة، قال -تعالى-: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الدعاء هو العبادة» رواه الترمذي، فالدعاء هو عبادة؛ لأنه تضرع إلى الله تعالى ومسألة، وهو من أفضل العبادات؛ لما فيه من إظهار الذل والافتقار إلى الله سبحانه، وهو من أعظم أسباب النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، ومن أهم الآداب التي ينبغي مراعاتها عند الدعاء الحضور القلب والخشوع، وتجنب التساهل والاستعجال في الدعاء، والابتعاد عن الدعاء بما لا يليق به -تعالى- مثل أن يدعو العبد على نفسه أو على والديه أو على أحد من المسلمين، أو أن يدعو بما فيه معصية أو قطيعة رحم.
أهمية الدعاء في حياة المسلم
إن الدعاء له أهمية عظيمة في حياة المسلم، فهو سبب في حصول الخير ودفع الشر، وقضاء الحوائج، وتحقيق الآمال والطموحات، فمن توكل على الله وأكثر من الدعاء وألح فيه فإن الله تعالى سيجيب دعاءه ويحقق له مراده، قال -تعالى-: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.
ومن أهمية الدعاء أنه عبادة من العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهي من أفضل ما يتقرب به إلى الله تعالى، كما أنه سبب في دخول الجنة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يعجز أحدكم عن الدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد» متفق عليه. ومن فوائد الدعاء وأهميته أنه يرفع البلاء ويصرف المكاره عن العبد، ويجب على المسلم أن يسأل الله تعالى جميع حاجاته، سواء كانت في الدنيا أو في الآخرة، ولا ينبغي أن ييأس من رحمة الله تعالى، مهما طال عليه الزمن، قال -تعالى-: إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ.
شروط استجابة الدعاء
إن الدعاء لا بد له من شروط حتى يستجيب الله -تعالى- له، ومن أهم هذه الشروط الإخلاص لله تعالى في الدعاء وعدم الإشراك به أحدًا، قال -تعالى-: وَلا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ.
ومن شروط استجابة الدعاء أن يكون الدعاء بمسألة مباحة لا تحتوي على معصية أو قطيعة رحم، قال -تعالى-: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ، ومن شروط الدعاء أيضًا أن يكون العبد على يقين باستجابة دعائه، قال -تعالى-: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ.
أوقات الإجابة
إن الله تعالى يستجيب دعاء عباده في جميع الأوقات، ولكن هناك أوقات معينة يكون فيها الدعاء أرجى في الإجابة من غيرها، ومن هذه الأوقات
1- الثلث الأخير من الليل، وخاصة في الساعات التي تسبق الفجر، قال -تعالى-: وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ،
2- يوم الجمعة، وخاصة في ساعة الإجابة بعد صلاة العصر،
3- شهر رمضان، وخاصة في الليلة الأخيرة منه، وهي ليلة القدر التي قال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه،
4- يوم عرفة، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وفي هذا اليوم تجتمع أعداد كبيرة من المسلمين في صعيد عرفة، ويدعون الله تعالى من كل فج،
5- عند السجود، وفي هذا الوقت يكون العبد أقرب ما يكون إلى ربه -تعالى-، فيجدر به أن يكثر من الدعاء في سجوده،
6- بعد الأذان وقبل الإقامة،
7- بين الأذان والإقامة,
8- يوم عرفة،
9- ساعة قبل غروب الشمس,
10- ساعة ما بين صلاة العصر إلى المغرب.
آداب الدعاء
هناك بعض الآداب التي ينبغي مراعاتها عند الدعاء، والتي تساعد على استجابة الدعاء بإذن الله تعالى، ومن هذه الآداب الحضور القلب والخشوع، وعدم الاستعجال في الدعاء، وعدم التساهل فيه، ويستحب للمسلم عند الدعاء أن يرفع يديه إلى السماء، وأن يتوجه بوجهه إلى القبلة، وأن يحمد الله تعالى ويثني عليه قبل الدعاء، وأن يصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن يدعو لنفسه ثم لأهله وأقاربه ثم للمسلمين.
ومن آداب الدعاء أيضًا أن يلح العبد في دعائه ويكثر من التضرع والابتهال إلى الله تعالى، وأن يتفكر في معاني الدعاء الذي يقوله، ولا ينبغي للعبد أن يدعو على نفسه بالهلاك أو بالشر، ولا على والديه أو على أحد من المسلمين، ويجوز للمسلم أن يدعو بما شاء من الخير والبر، ولا حرج عليه في ذلك.
أدعية مأثورة
وردت في السنة النبوية الشريفة العديد من الأدعية المأثورة التي كان يدعو بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في أوقات مختلفة، ومن هذه الأدعية
1- دعاء الاستفتاح: «اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، لك الحمد فاطر السماوات والأرض ومن فيهن» متفق عليه،
2- دعاء القنوت: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت» متفق عليه،
3- دعاء الاستخارة: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر- ويسمي حاجته- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به» رواه البخاري ومسلم،
4- دعاء الاستغفار: «اللهم اغفر لي ذنوبي، كلها صغيرها وكبيرها، وأولها وآخرها، وعلانيتها وسرها» رواه مسلم،
5- دعاء دخول المسجد: «اللهم افتح لي أبواب رحمتك» رواه البخاري ومسلم،
6- دعاء الخروج