الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على نبيه المصطفى، أما بعد،،
حسبي على من بلاني
تتعدد مصائب الدنيا، وتختلف أنواع البلاء الذي يصيب الإنسان، فمنه البدني ومنه النفسي، ومنه المالي ومنه المعنوي، وقد يبتلى الإنسان بغير واحد منها، وفي كل تلك الحالات يفر إليه المرء، ويلجأ إلى خالقه ومولاه، وحينها يردد ما أمره به حبيبه المصطفى حين قال: “فإذا قدر عليك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل”.
الحكمة من البلاء
إن من حكمة البلاء اختبار الإيمان، وتمحيص النفوس، ورفع الدرجات، فالبلاء يُظهر حقيقة الإنسان، ويُبين مدى صبره واحتسابه، ومنزلته عند ربه.
وإن من حكمة البلاء أيضًا تكفير الخطايا، ورفع الغفلة، وتذكير الإنسان بالآخرة، فالبلاء يُعيد الإنسان إلى رشده، ويذكره بمصيره المحتوم، ويجعله يتعلق بخالقه.
وإن من حكمة البلاء بالإضافة إلى ذلك تنبيه الإنسان إلى تقصيره، وإصلاح ما فسد من حاله، وتحفيزه إلى التوجه إلى الله تعالى، فالبلاء يُوقظ الإنسان من غفلته، ويدفعه إلى مراجعة نفسه.
أنواع البلاء
تتنوع أنواع البلاء وتختلف صوره، ومنها:
• البلاء البدني: مثل المرض والألم والإعاقة.
• البلاء النفسي: مثل الحزن والاكتئاب والقلق.
• البلاء المالي: مثل الفقر والديون وخسارة المال.
• البلاء المعنوي: مثل فقدان الأحبة والفشل والعجز.
آثار البلاء
للبلاء آثار عديدة على الإنسان، منها:
• تظهر البلاء قوة الإنسان وضعفه.
• يجعل البلاء الإنسان بمصيره المحتوم.
• ينبه البلاء الإنسان إلى تقصيره.
التعامل مع البلاء
عند ابتلاء الإنسان عليه بالتعامل مع بلاءه الصبر والاحتساب، فالصبر على البلاء من علامات الإيمان، والاحتساب على البلاء يُزيد الإنسان رفعة ودنوًا من الله تعالى.
وعلى الإنسان عند ابتلائه أيضًا التوجه إلى الله تعالى بالدعاء، والدعاء إلى الله تعالى بالدعاء، والدعاء هو السلاح الأقوى في مواجهة البلاء.
وعلى الإنسان عند ابتلائه أيضًا التوكل على الله تعالى، والتوكل على الله تعالى هو الاعتماد عليه في دفع البلاء، وهو من أعظم أسباب الفرج.
أقوال في البلاء
وردت أقوال كثيرة في فضل الصبر على البلاء والاحتساب فيه، منها:
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن عظم الجزاء مع عظم البلاء.”
• قال الإمام علي رضي الله عنه: “ليس البلاء بالموت، إنما البلاء في الحياة الدنيا، وهو طول الأمل.”
• قال الحسن البصري رحمه الله: “الصبر عند البلاء خير من الشكر عند الرخاء.”
قصص في الصبر على البلاء
تكثر القصص التي تُبين فضل الصبر على البلاء والاحتساب فيه، منها:
• قصة أيوب عليه السلام: الذي ابتلي بالأمراض والآلام، فصبر واحتسب، فرده الله تعالى إلى أحسن حال.
• قصة يوسف عليه السلام: الذي ابتلي بالسجن والظلم، فصبر واحتسب، فرُفع إلى أحسن حال.
• قصة موسى عليه السلام: الذي ابتلي بالخوف والهرب، فصبر واحتسب، فدخل الأرض المقدسة.
الخاتمة
لا توجد عافية إلا بعافية القلب، ولا شفاء إلا بشفاء القلب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن شر البلاء حب الدنيا، وإن خير ما يُعطى الرجل المسلم بعد إيمانه بالله عز وجل، زوجة صالحة إذا نظر إليها سرّته، وإذا خرج من عندها حفظته، وإذا حلفها صدقته.”.
فيا من ابتلاه الله تعالى ببلاء، لا تيأسن من رحمة الله، ولا تنس أنك في دار ابتلاء، وأنك قد ابتُليت لترى صبرك واحتسابك، فاصبر واحتسب، وادع الله تعالى أن يفرج كربك، اللهم آمين.