بلاط الحوش الفانار
مقدمة
بلاط الحوش الفانار، تحفة معمارية فريدة من نوعها، تقع في قلب منطقة الفانار القديمة بالقاهرة، وهي جوهرة مخفية تعكس روعة التراث المعماري الإسلامي في مصر، وتعد أحد أهم المعالم التاريخية في القاهرة.
تاريخ البناء
يعود تاريخ إنشاء بلاط الحوش الفانار إلى عام 1556 م، حيث أمر ببنائه الأمير عبد الرحمن كتخدا، وهو أحد أمراء المماليك الشراكسة، واستخدم كمقر لإقامته الخاصة، وظل البلاط على مر القرون شاهداً على أحداث التاريخ المصري.
مر البلاط بعدة مراحل من الترميم والصيانة، حيث تم ترميمه في عهد محمد علي باشا في القرن التاسع عشر، كما تم ترميمه مرة أخرى في أواخر القرن العشرين من قبل المجلس الأعلى للآثار، وهو الآن مفتوح للجمهور كمتحف.
المدخل والواجهة
يتميز المدخل الرئيسي لبلاط الحوش الفانار بباب ضخم وجميل مصنوع من الخشب المنحوت، وعليه نقوش كتابية بالخط الكوفي، كما أن الواجهة الخارجية للبلاط مزينة بزخارف هندسية ونباتية رائعة، تعكس براعة الحرفيين في تلك الحقبة.
الأقواس والأعمدة
يضم بلاط الحوش الفانار العديد من الأقواس والأعمدة المزخرفة، حيث يوجد قوس ضخم مدبب في مدخل الفناء الرئيسي، كما توجد أعمدة رخامية مزخرفة تدعم الأفاريز والأسقف، وتضفي هذه العناصر المعمارية على البلاط جواً من الفخامة والروعة.
تم تزيين الأعمدة والأقواس بأنواع مختلفة من الزخارف المنحوتة، بما في ذلك الزخارف النباتية والهندسية، والتي تظهر مهارة الحرفيين في العصر المملوكي.
القاعات والشرفات
يتكون بلاط الحوش الفانار من عدة قاعات وشرفات، وتتميز هذه القاعات باتساعها وارتفاع أسقفها، وتحتوي على نوافذ كبيرة تسمح بدخول الضوء الطبيعي، كما يوجد شرفات واسعة توفر إطلالات بانورامية على المنطقة المحيطة.
تم تزيين القاعات والشرفات بالعديد من الزخارف الجصية والنقوش الكتابية، بالإضافة إلى وجود مشربيات خشبية جميلة، والتي كانت تستخدم من قبل النساء لمشاهدة الأحداث الخارجية دون أن يراها أحد.
النافورة والحدائق
في وسط الفناء الرئيسي لبلاط الحوش الفانار، توجد نافورة رخامية كبيرة، وهي محاطة بحدائق صغيرة مليئة بالأشجار والنباتات، وتضفي النافورة والحدائق على البلاط جواً من الهدوء والسكينة.
كانت الحدائق في البلاط تستخدم لزراعة الأعشاب والتوابل، وتمثل النافورة عنصراً معمارياً هاماً وتوفر مصدر مياه للري والشرب.
الحمامات والمسجد
يوجد في بلاط الحوش الفانار حمامات خاصة كانت تستخدم من قبل سكان البلاط، وهي مزينة بزخارف هندسية ونباتية جميلة، كما يوجد مسجد صغير في البلاط كان يستخدم للعبادة.
تم الحفاظ على الحمامات والمسجد بشكل جيد، وهما يمثلان أمثلة أخرى على المهارة المعمارية العالية التي تميزت بها العمارة المملوكية.
القيمة التاريخية والثقافية
بلاط الحوش الفانار هو أحد أهم المعالم التاريخية في القاهرة، وهو يمثل تحفة معمارية رائعة تعكس روعة التراث المعماري الإسلامي في مصر، ولقد أدرج البلاط في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1979 م، تقديراً لقيمته الثقافية والتاريخية الاستثنائية.
خاتمة
بلاط الحوش الفانار هو معلم معماري فريد من نوعه استطاع أن يتحدى الزمن ويحافظ على جماله وروعة على مر القرون، وهو شهادة على براعة الحرفيين في العصر المملوكي، ويعد البلاط وجهة سياحية مهمة في القاهرة، حيث يزوره الآلاف من السياح سنوياً للاستمتاع بجماله المعماري وتاريخه الغني.