مقدمة
التجويد هو أحد أهم علوم القرآن الكريم الذي يهدف إلى تحسين طريقة نطق وتلاوة القرآن بالشكل الصحيح، وذلك من خلال اتباع مجموعة من القواعد والأحكام التي تؤدي إلى الخروج بأفضل ما يمكن من الحروف والكلمات والآيات القرآنية، ويعتبر التجويد من الأمور الأساسية التي يجب أن يتعلمها كل مسلم، فهو كمال لحسن العبادة، وقد جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “إنّ أحسن الناس صوتًا بالقرآن الذي تسمعون صوته”، وعليه فقد وضع العلماء مجموعة من الأحكام التي تحقق للتجويد أهدافه، فما هي تلك الأحكام؟
أحكام الترقيق والتفخيم
يقصد بالترقيق إخراج الحرف من مخرجه من غير غنة، بينما يعني التفخيم إخراج الحرف من مخرجه مع غنة، ويتعلق ذلك بالحروف المفخمة وهي، القاف، والجيم، والدال، والتاء، والطاء، والصاد، والزاي، والذال، والضاد، والغين، والفاء، أما حروف الترقيق فهي باقي الحروف العربية.
ويكون التفخيم واجبًا إذا جاء الحرف المفخم ساكنًا في وسط الكلمة أو في آخرها، وكذلك إذا كان الحرف المفخم مشددًا، ويكون الترقيق واجبًا ما عدا تلك الحالات، بالإضافة إلى وجود حالات أخرى وجوبية للترقيق أو التفخيم بناءًا على أحكام أخرى.
ومن الأمثلة على ذلك: كلمة “رضي” فيها حرف مفخم وهو حرف الدال يأتي ساكنًا في وسط الكلمة وبالتالي يكون مفخمًا، بينما في كلمة “رحم” يوجد حرف مفخم وهو حرف الحاء يأتي متحركًا وبالتالي يكون مرققًا.
أحكام الإدغام
يقصد بالإدغام إدخال حرف في حرف آخر وإخفاء الأول منهما، ويحدث ذلك عندما يلتقي حرفان متماثلان أو متقاربان في المخرج، فمثلاً إدغام النون الساكنة والتنوين في حرفي اللام والراء.
يقسم الإدغام إلى إدغام صغير وكبير، فيكون الإدغام الصغير بإدخال حرف ساكن في متحرك مثله، بينما الإدغام الكبير فيدخل الساكن في متحرك ليس مثله ولكن متقارب معه في المخرج، كما أن الإدغام قد يكون واجبًا أو جائزًا.
ومن الأمثلة على الإدغام الصغير الواجب: كلمة “من ربك”، حيث يتم إدغام حرف النون الساكنة في حرف الراء المشدد، بينما من الأمثلة على الإدغام الكبير الجائز: كلمة “فتكلم”، حيث يتم إدغام حرف التاء الساكنة في حرف الكاف.
أحكام الإقلاب
يقصد بالإقلاب قلب حرف مكان حرف آخر، ويحدث ذلك في ثلاث حالات، وهي قلب الباء ميما ساكنة، وقلب التاء دالاً ساكنة، وقلب الكاف جيمًا ساكنة، وذلك عندما يلتقي أحد هذه الحروف بحرف من حروف الإطباق وهي الصاد والضاد والطاء.
ويعتبر الإقلاب واجبًا في جميع الأحوال التي ذكرناها، ومن الأمثلة على ذلك: كلمة “مكة” حيث يتم قلب حرف الباء ميما ساكنة بسبب وقوعها قبل حرف الكاف من حروف الإطباق.
ومن الأمثلة على ذلك: كلمة “استوى” يتم قلب حرف التاء دالاً ساكنًا بسبب وقوعها قبل حرف الواو من حروف الإطباق، وكذلك كلمة “وجعل” يتم قلب حرف الكاف جيمًا ساكنة بسبب وقوعها قبل حرف اللام من حروف الإطباق.
أحكام المد
يقصد بالمد زيادة صوت المد الطبيعي للحرف المدود، وذلك بنطق حرف المد مدة زائدة عن حركته الأصلية، ويقسم المد إلى أربعة أنواع، وهي المد الطبيعي، والمد الفرعي، ومد البدل، ومد العوض.
ويأتي المد الطبيعي في ستة مواضع، وهي الحرف الساكن الذي بعده حرف ساكن، وحركة حرف اللين الساكن، والشدة المشبعة بالحركة، وحركة حرف اللين المشددة، وحركة ألف المد، وحركة ياء المد.
أما المد الفرعي فيأتي في حرفي اللين اللتين هما الياء والواو الساكنتين المفتوحتين إذا سبقتهما حركة غير الفتحة، ومد البدل يأتي إذا وقع حرف مد بعد حرف ساكن سكون عارض ولم يكن بعده همزة قطع.
بينما يأتي مد العوض في حالة حذف حرف المد الواجب بسبب الوقف، فيتم مد الحركة التي كانت على حرف المد مقدار حركتين.
أحكام النبر
يقصد بالنبر رفع الصوت بالحرف المدود أو المشدد، وذلك لإظهاره وإبرازه، ويقسم النبر إلى ثلاثة أقسام، وهي النبر المحقق، والنبر المخفف، والنبر المتوسط.
ويأتي النبر المحقق إذا كان الحرف المدود أو المشدد في آخر الكلمة أو قبل آخرها بحرف ساكن، ويأتي النبر المخفف إذا وقع الحرف المدود أو المشدد قبل الآخر بحرف متحرك، ويأتي النبر المتوسط إذا وقع الحرف المدود أو المشدد في وسط الكلمة.
ومن الأمثلة على ذلك: كلمة “بسم” يكون النبر فيها محققًا على حرف السين، وكلمة “الحمد” يكون النبر فيها مخففًا على حرف الحاء، وكلمة “رب” يكون النبر فيها متوسطًا على حرف الراء.
أحكام الوقف والابتداء
يقصد بالوقف قطع الصوت عن الكلام، ويقسم إلى وقف تام ووقف غير تام، أما الابتداء فهو الدخول في الكلام بعد الوقوف.
ويجوز الوقف على الكلمات التي لا تدل على معنى تام، ويجوز أيضًا الوقف على الكلمات التي تدل على معنى تام ولكن بشرط أن لا يكون قبلها فاصلة، بينما لا يجوز الوقف على الحروف المقطعة أو حروف العطف.
أما الابتداء فيكون بالألف الساكنة أو الهمزة أو السكون، فإذا وقفنا على كلمة تنتهي بألف ساكنة فيبتدأ بالهمزة، أما إذا وقفنا على كلمة تنتهي بهمزة فيبتدأ بالألف الساكنة.
أحكام الغنة
يقصد بالغنة إخراج الصوت من الخيشوم، وتكون الغنة إما واجبة أو جائزة أو ممنوعة، وتكون واجبة إذا كان الحرف من حروف المد الثلاثة وهي الألف والياء والواو، كما تكون واجبة إذا كان الحرف ساكنًا بعده حرف من حروف المد.
أما الغنة الجائزة فتكون في حالة الوقف على الحرف الساكن الساكن قبله، أما الغنة الممنوعة فتكون في جميع الحالات الأخرى، ومن الأمثلة على ذلك: كلمة “الرحمن” الغنة فيها واجبة على حرفي الألف والراء.
ومن الأمثلة على ذلك: كلمة “والذين” الغنة فيها جائزة على حرف النون بسبب وقوعها ساكنة قبل حرف الياء المدود، ومن الأمثلة على الغنة الممنوعة: كلمة “والعاديات” لا يوجد فيها غنة.
الخاتمة
إن أحكام التجويد تعد من أهم الأمور التي يجب على كل مسلم أن يتعلمها، وذلك لأنها تحقق الهدف الأساسي من نزول القرآن الكريم، وهو تلاوته بأحسن ما يمكن من الأصوات والوقوف والابتداء، وعليه فإن تعلم أحكام التجويد يعد عبادة لله وامتثالًا لأوامره، كما أنه يزيد من الثواب والأجر عند تلاوة القرآن الكريم، وفي نفس الوقت يجعل المتلقي أكثر خشوعًا وتدبرًا لآيات الله.